الأدب و الأدباء

الصراع النقدي بين تياري القِدم والحداثة

احجز مساحتك الاعلانية

بقلم / أ : مُصعب أبوبكر أحمد

والصراع النقدي بين هذين التيارين – القديم والجديد – وجدناه ملازماً لكل عصر ، وهو ظاهرة مستمرة لابد منها . هكذا كانت الحالة في اللغة العربيّة منذ أقدم الأزمنة إلى الوقت الحاضر . وأعنف المعارك في هذا الصراع ، مابرز بعد الحرب العالميّة الأولى ، فقد تدفق الغرب على البلدان العربيّة تدفقاً كاسحاً ، في عاداته وأنماط عيشته ، وأساليب تفكيره ومذاهبه الفلسفيّة والأدبيّة والفنيّة والتعبيريّة ، فناصره عدد لا يستهان به من خريجي الجامعات الغربيّة ومجندي التطور السريع ، وتصدى له الجانب الآخر كل المحافظين علي جذورهم الريفيّة والإجتماعيّة والثقافيّة . فنشبت المعركة بين الجامعيين والمحافظين ، ودارت حرب متعددة الفصول والوجوه ، مدارها تطوير اللغة حيناً ، وتسليط العقل في الدراسات الأدبيّة حيناً آخر . بجانب الإستقصاء من المعاني المعاصرة الحضاريّة أحياناً . ولا تزال هذه المعركة مستمرة فصولاً ومضاميناً ؛ لأنها في واقعها سُنة من سُنن الحياة ، ومظهر من مظاهر التكيف الفكري والبشري . ونجدها قد اهتمت بالتجديد في الشعر وفي الأوزان منذ قديم الزمان ، وبدت فيها المحاولات منذ أمد بعيد – هذا الرأي ضمنه عز الدين الأمين في نظريته – تحديداً في العصر العباسي . تقول الناقدة عزة محمد : ( فقد ظهرت في العصر العباسي محاولات دائبة تدعو إلى التجديد في موسيقا الشعر ، والخروج عما ورثه الشعراء من أوزان الخليل ) وقد بلغت هذه المحاولات قمتها في القرن الثاني الهجري ، خاصة بعد ظهور طبقة من الشعراء المولدين ، وشيوع الغناء ، واهتمام الطبقات المختلفة به ، واقبالها عليه ، ناهيك عن المؤشرات الثقافيّة الوافدة من البلاد المجاورة ، لا سيما الفُرس . لكن هذه المحاولات لم تجد اهتماماً وقتذاك ؛ لأنها أكثر ثقلاً ونبواً عن الإيقاع المألوف للشعر العربي ، ومن أجل ذلك لم تحفل كتب الأدب بهذه المحاولات ، ولم تدخلها في إطار حركات التجديد التي تعرّضت لموسيقا الشعر العربي عبر العصور …

* موسيقا الشعر العربي بين القديم والجديد – مكتبة الرشد – ط ثالثة – 2003م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى